نشأ ديفيد سكريدرز (David Scraders) في برمودا، إحدى جزر المحيط الأطلنطي، ويعمل صانع لافتات لدى حكومة برمودا.

ظل ديفيد على مدى السنوات العشرين الماضية ممارسًا شغوفًا للتاي تشي، أحد الفنون القتالية الصينية القديمة، التي تُمارس حاليًا كنوعٍ راقٍ من تدريبات اللياقة.

أُصيبت يده اليمنى إصابة خطيرة أثناء عمله في عام 2017 ما أدى إلى تمزيق أوتار ظهر اليد وخضع للعديد من العمليات في برمودا. إلا أن يده أصيبت بالتهابٍ خطيرٍ نظرًا للإصابة المعقدة وأوتاره المكشوفة وجلده المفقود وعدم قدرته على تحريك يده، لاسيما وأنه مصابٌ بالسكري. وفي إطار بحثه عن حلٍ لمشكلته، استقل ديفيد رحلة طيران تستغرق ساعتين من برمودا إلى بوسطن للقاء فريق من الأطباء المتخصصين في جراحات اليد المعقدة في مستشفى ماساتشوستس العام.

آليات ترميم اليد

عند وصوله إلى مستشفى ماساتشوستس العام، التقى ديفيد بفريق رعايته بقيادة الطبيب كايل إبرلين (Kyle Eberlin)، جراح ترميم اليد في قسم الجراحة التجميلية ومدير مشارك في زمالة جراحة اليد في مستشفى ماساتشوستس العام، والمتخصص في جراحة اليد المعقدة وجراحة الأعصاب المحيطية والجراحة المجهرية. كما ضم فريقه الطبيب نيل سي. تشن (Neal C. Chen)، المدير المؤقت لمركز جراحة عظام اليد.

يقول الطبيب إبرلين: "أُصيب ظهر يد ديفيد بعد الحادث بالتهابٍ حاد ما تطلَّب إجراء عملية جراحية كبيرة في برمودا لإزالته، وقد تسبب هذا للأسف في فقدانه جزءًا كبيرًا من الجلد وترك أوتاره مكشوفة. ورغم أن الجسم في هذه الحالات يحاول الالتئام وإغلاق الجرح من تلقاء نفسه، إلا أن هذا يكون صعبًا للغاية في هذا المكان ومع وجود هذا الجرح الكبير حيث تعاني اليد من فقدان الحركة، وخطر استمرار الالتهاب، كما أن موت الأوتار المكشوفة قد يهدد الذراع بأكمله."

من جانبه قال ديفيد: "عندما أخبرني أطبائي بمدى خطورة الإصابة، أُصبتُ بانهيار وبكيت. لو انتشر الالتهاب أكثر، كانوا سيبترون يدي وهو أمر كان سيمثل مصيبة لي باعتباري محبًا لرياضة التاي تشي وعملي صانعًا للوحات."

ناقش ديفيد، والطبيبان إبرلين وتشن، وبقية فريق الرعاية تفاصيل الجراحة والنتيجة المتوقعة، وشعر ديفيد بالراحة قبل أن يُقرّر المضي قُدمًا وفي هذا الصدد يقول ديفيد: "كان الطبيب إبرلين لطيفًا للغاية وشعرت أن بوسعي التحدث معه في أي شيء."

بعد اتخاذ قرار إجراء الجراحة، بدأ الطبيبان إبرلين وتشن العملية لمنح ديفيد يدًا تقوم بمهامها بدون ألم. وخلال العملية التي استمرت ست ساعات تقريبًا، أزال طبيبا مستشفى ماساتشوستس العام وفرقهما النسيج التالف من يد ديفيد، وحرّرا الأوتار المتضررة وأصلحاها، ثم نقلا نسيج سديلة حُرة من فخذ ديفيد لتعويض الجلد المفقود على ظهر يده.

قال الطبيب إبرلين: "لا يوجد في ظهر اليد ما يكفي من الأنسجة والجلد الزائد لإغلاق جرح بهذا الحجم ولهذا استخدمنا سديلة حُرة (زرع جلد) من فخذ ديفيد، حيث يوجد لدى معظمنا أنسجة وجلد زائدين. وعملية السديلة الحُرة عبارة عن أخذ نسيج من جزء من الجسم وزراعته في جزء آخر وتشمل شريانًا ووريدًا يؤدي وصلهما إلى تزويد الأنسجة بدمٍ جديد." كما أكَّد أن نسبة نجاح مستشفى ماساتشوستس العام في جراحات نقل السديلة الحُرة يصل إل 98-99 بالمائة.

من جانبه قال ديفيد: "لم يسبق لي أن خضعت لجراحة كبيرة هكذا، لكنني تقبلت أن هذا أمر ضروري وقررت أن أكون سعيدًا طيلة بقائي في مستشفى ماساتشوستس العام. وعندما أخبرتني إحدى الممرضات أنني لا أبدو قلقًا قلت لها أن ممارسة التاي تشي لسنوات تمنح المرء عقليةً ما. لقد كانت تجربة جيدة."

يشير الطبيب إبرلين بفخرٍ إلى أن ما يجعل من رعاية المرضى في مستشفى ماساتشوستس العام فريدة وإيجابية هو الطاقة التعاونية بين فرق طب العظام، وجراحة اليد، والجراحة التجميلية، فضلاً عن الخبرة في التعامل مع الحالات الصعبة وغير المعتادة.

الطريق إلى التعافي

بعد نجاح جراحة ديفيد، وجَّهه الطبيبان تشن وإبرلين خلال خطة التعافي التي استمرت عدة أشهر وشملت أسبوعًا من المتابعة في مستشفى ماساتشوستس العام لضمان التئام اليد والسديلة وعمل الدورة الدموية بشكل طبيعي، وكذلك إعادة التأهيل مع العلاج المهني أثناء رعاية الترقيد وزيارات العيادة الخارجية للوصول إلى المرحلة الجوهرية المتمثلة في استخدام يده من جديد. صنع المعالجون له جبيرة مخصصة، ووضعوا له تمارين متدرجة الصعوبة، وعملوا على تحسين قدرته على الإمساك بالأدوات اليومية مثل فرشاة الأسنان.

David Scraders practicing Tai Chi in a park
ساعد العلاج المهني ديفيد على العودة لممارسة التاي تشي وعمله.

قال الطبيب إبرلين: "منذ لقائي ديفيد لأول مرة، كان موقفه الإيجابي واضحًا. إنه لمن دواعي سروري أن أعتني بالمرضى الذين لديهم دافع كبير للتحسُّن وهو أمر يساعد على شفائهم بكل تأكيد."

كما أكَّد الطبيب تشن ذلك قائلاً: "كانت رغبة ديفيد في التحسُّن وما بذله من جهدٍ في إعادة تأهيل يده أمرًا ملحوظًا. لقد أتاح له الأطباء والممرضين واختصاصيي العلاج المهني الفرصة فأحسن استغلالها."

مرَّ أكثر من عام على الإصابة، وعاد ديفيد إلى العمل حيث يعرب عن سعادته بنتائج جراحته وشفائه وعن سعادة المحيطين به بشفائه ونوعية الزراعة قائلاً: "لم تعد الحركة بالكامل كما كانت حتى الآن، لكنها تحسنت كثيرًا. لقد كانت النتائج رائعة."

وبصفته مريضًا دوليًا في مستشفى ماساتشوستس العام، نسَّق مركز المرضى الدوليين رحلة الرعاية الكاملة لديفيد، حيث يتفانى موظفو المركز في مساعدة المرضى الدوليين على التعامل مع مستشفى ماساتشوستس العام من خلال المساعدة في تحديد المواعيد وطلبات السجلات الطبية وخدمات الاستقبال والتوجيه وتوفير الترجمة الفورية وأي احتياجات أخرى قد تكون لدى أي مريض من برمودا أو أي مكان آخر في العالم قبل زيارته وأثنائها وبعدها.

واختتم ديفيد حديثه قائلاً: "أنا على يقين من أن مستشفى ماساتشوستس العام ستواصل ما تقوم به من عمل متميز."